هل يعد الضرب الأسلوب الأمثل للتربية في المجتمعات العربية؟
كثيراً ما يحتدم النقاش حول العقاب الجسدي.. مع أن هناك طرقاً أخرى لتعويد الأطفال على الانضباط غير الضرب.
عند مناقشة أساليب التربية والتهذيب فإن معظم الآباء يريد أن يقوم أطفالهم بما يؤمرون به، وأن يكونوا لطيفين مؤدبين.. وألا يتسببوا بإحراجات لهم أمام الناس الآخرين.
طبعاً هذه أهداف إيجابية جيدة يطمح إليها الجميع، ولكن نوع الانضباط الذي يتبعه كثير من الآباء لتحقيق ذلك قد يكون سلبياً، ولا يعني الانضباط إصدار الأوامر للأطفال بما يريد الكبار ومعاقبتهم حين لا يستجيبون، إنما هو تربيتهم على أن ينشؤوا أو يصبحوا أناساً يتصرفون بالطريقة الصحيحة، ومن أجل تعويد الأطفال على «ضبط النفس» أو «الالتزام بما يمليه ضميره» فإنه ينبغي للأطفال أن يدركوا أولاً متى عملوا الصواب ومتى اجترحوا الخطأ، كما أنهم يحتاجون إلى إدراك أبسط التعليمات أو التوبيخات التي يتلقونها من الوالدين، لكي يتمثلوا على ضوئها تلك السلوكيات التي ينبغي للإنسان أن يتصرف وفقاً لها.
ويعتمد الانضباط الإيجابي على علاقة الآباء «أو من يحل محلهم» بالأطفال، وربما يستمر أثر العقاب لمدة دقيقة واحدة ولا يؤتي النتيجة المطلوبة.
ولايزال ضرب الأطفال أسلوباً متبعاً في مجتمعاتنا، فقد ذهبت بعض الأبحاث إلى أن 8 من 10 من الآباء يؤمنون بأسلوب «الصفع» وأن نصفهم تقريباً يمارسون هذا الاعتقاد مرة واحدة على الأقل أسبوعياً، وإن هؤلاء الأطفال الذين يتبع معهم الضرب وسيلة لتعليم الانضباط سيصبحون آباء يلتزمون بنفس الأسلوب في المستقبل.
ويتفق الجميع على أن حل الخلافات أو فرض الآراء على الآخرين بعصبية يعد سلوكاً خاطئاً أخلاقياً. لكن قد يتساءل بعضنا ألا يختلف الوضع في حالة ضرب طفل عاص ولا يحترم الكبار؟
في الماضي كما تقول «أم حسين ع. 55 سنة»: لم نكن نرفع أعيننا في أعين والدينا، وقبل أن تبدو علينا أمارات عدم الامتثال للأمر تكون اللطمة قد استقرت على خدودنا.
طبعاً لا أدافع عن هذا الأسلوب، فعليه الكثير من المآخذ، لكننا مع ذلك تربينا تربية صالحة.. أين منها تربية هذا الجيل الذي يرد على أبيه أو أمه كل كلمة يقولها أحدهما ويتمرد على أدنى أمر أو توجيه؟!
في المدرسة.. مر علينا عشرات النماذج من المدرسين.. بعضهم لا يرتقي حتى إلى مستوى «جزار» لفرط ما يتعامل به من قسوة يوم كان الضرب مسموحاً، والعقوبة البدنية مسموحة، واستطعنا أن نكوّن أنفسنا ونتخرج و... لكن هذا الجيل حيث العقوبة ممنوعة، ماذا بقي للمدرس من الهيبة؟ وكيف أصبحت التربية؟!
ومع ذلك يبقى السؤال: ما هو البديل؟!! إن البديل الفعال للضرب ليس عقوبة أخرى، ولكنه طريقة مختلفة، إن الانتباه لطفلك في الوقت الذي يسعدك فيه سلوكه، يعد حجر الزاوية في الموضوع.
ولسوء الحظ يقوم الآباء المشغولون بعكس ذلك أي بالتغاضي عن سلوكهم الطيب والانتباه لسلوكهم فقط عندما يسوء.
ولرسم الحدود بدل الضرب إليك ما يلي: للأطفال الرضع: نلاحظ أن الأطفال الرضع يعبثون بكل شيء لأنهم إنما يتعلمون بواسطة البحث واكتشاف الأشياء وقد يكسرون أشياء ثمينة خطيرة فعليك أن تجري ما يلي معهم:
- إذا أمسك أشياء خطيرة فاسحبي يده وقولي له «كلا».
- إذا حمل شيئاً قابلاً للكسر قومي بمقايضته بشيء آخر، فيتخلى عما بحوزته.
- إذا كان يبكي في محاولة لجذب الانتباه لطلب شيء ما فاتركيه لدقائق وسوف يتوقف بعدها عن ذلك.
- إذا ما شعرت بأنك تفقدين أعصابك ولا يوجد ما يساعدك فضعي طفلك في سريره إلى أن تتمالكي نفسك.
- إذا كان يقذف الطعام في محاولة لجذب انتباهك فلا تفقدي أعصابك بل قومي بإخراجه من كرسيه وإبعاده عن طاولة الطعام.
للأطفال قبل المشي
يحاول الطفل الذي ابتدأ المشي مؤخراً أن يضع نفسه في مكان الآخرين، ولذلك فإن العقاب لن يجدي معه نفعاً، بل سيؤثر على جو العلاقة بينك وبين طفلك ولذلك عليك أن تجري ما يلي معه:
- يجب أن تأخذي بعين الاعتبار أن قوتك البدنية هي لحمايته ويجب أن تؤكدي له أنك لن تؤذيه أبداً.
- إذا ما رأيته في خطر فقومي بإبعاده عن منطقة الخطر.
- احمليه إذا ما رفض أن يأتي معك.
- احمليه حتى يتوقف عن مشاغبته.
- حاولي عدم المشاركة في المناقشات الحادة وقطعها بالتنحي، كأنه لا يوجد شخص تتناقشين معه.
- إذا لم يستجب طفلك في حالة سماعه لأوامرك وتكونين حينها قد فقدت صبرك ويداك مستعدتان لضربه، فقومي بضرب الطاولة أو ركبتك، فالصوت الذي سيصدر من جراء ذلك سيلفت انتباهه وسوف يسمع ما تريدينه منه لأنه لن يبكي وقتها.
الأطفال قبل المدرسة
طبعاً تريدين من طفلك أن يكون طفلاً مطيعاً وشخصاً محبوباً ولذلك أعيريه كثيراً من الاهتمام عندما يأتي بسلوك حسن.
إذا تجاهلت طفلاً «غير مزعج» وأبدت اهتماماً بشقاوته أو مشاغبته فإنك إنما تشجعينه على السلوك الذي لا تحبين رؤيته، وتوقعي أنه سيكون مزعجاً وصاخباً وأنه سيسعى للفت الانتباه، فهذه السن سن الحضانة ومرحلة ما قبل المدرسة، هي سن حب الظهور بالأقوال والأفعال، لذلك عليك أن تجربي ما يلي:
- إن المزاح يمكن أن يحل محل البكاء في حالة الغضب أوالانفعال.
- إذا كان طفلك من النوع المزعج جداً فقومي بتشغيل المذياع أو اشغلي نفسك بالحديث مع صديقة لك على الهاتف.
- إذا ضرب طفلك أخاه الصغير في أثناء شجارهما فقومي بمواساته وتهدئته، فالأطفال الصغار يكونون مشاغبين ولكنهم لا يقصدون ذلك أبداً.
- قومي بإعداد مكان مناسب لطفلك الكبير ليلعب بعيداً عن أخيه الصغير عندما يرغب في اللعب.
وبهذه الخطوات كلها تستطيعين جذب انتباه ابنك وجعله لطفياً هادئاً، من غير ضرب.